تريم (حضرموت21) خاص :
تصوير عبد القادر بن شهاب : عثمان الحسين : عمر باشعيوث
تختلف مدينة تريم بحضرموت عن باقي المدن والحواضر الإسلامية في تميزها بعاداتها وتقاليدها الشعبية والدينية ، حيث أن هذه المدينة لازالت متمسكة بتراثها المتنوع منذ مئات السنين ..
وعادات وتقاليد مدينة تريم أغلبها ذات طابع ديني إذ يغتنم أهلها المواسم الدينية وربطها بعاداتهم اليومية حتى تصبح من نسيج الحياة العامة للمجتمع ..
وتتركز أهم العادات والتقاليد التريمية في الأيام والاشهر الفاضلة في السنة ففي هذه الأيام في شهر الحج تعتبر موسم حيوي لعادات هذه المدينة فمنذ بداية هذا الشهر هناك عادة تسمى مطلع الحطب مطلع الحطب : مناسبة تريمية خاصة يجتمع فيها الأهل والأحباب وتكون في اليوم السابع من شهر ذو الحجة الحرام يقام فيها ما يسمى بـ ( المداد ) ، وهو تجمع لكبار السن وصغارهم يبتدئ من أول العصر وحتى آخر هذه الليلة ، وفي صباح هذا اليوم ينزل الناس لجمع الحطب استعدادا لطبخ لحم العيد. وفي اليوم الثامن يسمى بعيد الصغيرين حيث ينتشر الباعة في ساحات السوق ويقوم الأهالي بشراء الحلويات المختلفة وخصوصا ثمرة النارجيل التي تسمى في اللغة الدارجة (الكزاب) تجتمع الأسر والعوائل لتناول هذه الحلويات والبعض يفضلها سحور لصيامهم في يوم عرفة .
يوم عرفة
في هذا اليوم المبارك والعظيم يجتمع الحجاج في جبل الرحمة ويتعرضون لنفحات الله عز وجل ، وقد وردت في فضل هذا اليوم الأحاديث النبوية الشريفة التي ترغب المؤمن في اغتنامه بالطاعة لاسيما الصوم .
أما أهل تريم ففي هذا اليوم يكاد أن يكون جميع سكان المدينة صائمين وتبدأ مراسيم يوم عرفة بتريم بعد صلاة الفجر بقراءة قصة المولد النبوي الشريف بمسجد المحضار ففي مجلس ايماني روحاني يلهج الحداه بالموشحات الدينية والمدائح النبوية حتى طلوع الشمس ..
أما في عصر هذا اليوم المبارك يجتمع أهالي تريم في ساحة التعريف بمنطقة خيلة ويقضون وقت العصر إلى المغرب قراءة الأذكار الاوراد التي استحسنها العلماء في هذه المدينة . ساحة التعريف : أسسها العلامة علوي بن عبدالرحمن المشهور المتوفى سنة ١٣٤١هـ حيث قام بشراء الأرض الواقع غرب مسجد مولى خيلة وخصصها لهذه المناسبة الدينية ، ولاشك أن هذه المناسبة موجودة قبل ما يقدم العلامة علوي المشهور على هذه الخطوة إذ اعتاد سكان المدينة التجمع يوم عرفة في المنطقة القديمة لتريم (الخليف)
في مكان يسمى بالغييلة ، وبإزدياد التعداد السكاني قام العلامة علوي المشهور بتأسيس مجلسه في ساحة التعريف ..
في ساحة التعريف مشهد ايماني وسكينة تعم المكان نبرات أصوات الحاضرين تشهد على صدق حسن ظنهم بمولاهم، وعبرات مناداتهم وابتهالاتهم تعبر عن ايمانهم بالعطاء الرباني الذي يهبه الله للمحسن والمسي في هذا اليوم ..
في آخر ترتيبات المجلس ينهض العلماء والدعاة بالتذكير والوعظ ومن ثم يشنف الاسماع بالنشيد الدينية وفي هذه الأثناء ينتشر أبناء منطقة خيلة بتوزيع وجبة الفطور للحاضرين ، وفي لوحة تكاتفية واحساس بكون الوافدين لمجلس ساحة التعريف ضيوف ونزلاء في حارتهم فكان حقاً عليهم إكرام الضيوف بما يناسب مكانة هذا اليوم العظيم في قلوب المسلمين ..
تحتشد تريم وأهلها للتعرض للنفحات الإيمانية والتشبه بالحجاج في عرفات آخذين حديث الرسول (من تشبه بقوم فهو منهم) نصب أعينهم، فليس الحضور هنا في ساحة التعريف بمثابة الوقوف بالحج ولكن اغتناماً للعطاء الرباني والجود الإلهي الذي لا يخص الحجاج بل كرم الله يعم العالمين ..