
العاصمة عدن (حضرموت21) خاص
في لحظة سياسية حرجة يعيشها الجنوب، ترتفع بعض الأصوات ـ بتوجيه أو بجهل ـ لتحميل المجلس الانتقالي الجنوبي مسؤولية الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالبلاد، مستندين إلى مشاركته في مجلس القيادة الرئاسي. لكن هذه المحاولة البائسة لتزييف الوعي تتجاهل حقائق جوهرية لا يمكن القفز عليها.
المجلس الانتقالي الجنوبي لم يأتِ إلى الشراكة من باب المناورة، بل من موقع التفويض الشعبي الذي منحه له أبناء الجنوب في الميادين، والذين حملوا رايته في وجه التهميش والاحتلال والفساد. هذا المجلس هو نتاج نضال طويل وإرادة جنوبية صلبة، وليس مجرد مكوّن سياسي طارئ يمكن تحميله تركة عقود من الفشل والانهيار الاقتصادي الممنهج.
من يسيطر على أدوات الدولة المالية؟ من يتحكم بالبنك المركزي، ووزارات النفط والمالية والاتصالات؟ من يدير السياسة النقدية ويطبع العملة بلا غطاء؟ ليست تلك قرارات تُتخذ في رئاسة المجلس الانتقالي، بل تُدار من مراكز نفوذ متجذرة في منظومة الشرعية، والتي ثبت تاريخيًا أنها لا تؤمن بالدولة ولا بالشراكة، بل تعتبر الجنوب غنيمة وأرضًا مستباحة.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو في موقع الشراكة، لم يكن يومًا شاهد زور على العبث، بل كان الطرف الوحيد الذي رفع صوته في وجه الانهيار، وكشف المستور، وطالب بإجراءات إصلاحية جريئة، عُطلت مرارًا من قبل من يرفض الإصلاح لأنه يستفيد من الفساد.
ولأن المجلس الانتقالي مفوض شعبيًا، فهو لا يحاكم بقرارات غيره، بل يُقاس على مواقفه المعلنة، التي كانت دومًا منحازة للناس، حريصة على الكرامة، رافضة لتحويل الاقتصاد إلى وسيلة ابتزاز سياسي.
نعم، المجلس شريك في مجلس القيادة الرئاسي، لكن دون صلاحيات حقيقية على مفاصل الاقتصاد. الشراكة لا تعني التورط، والمشاركة لا تعني التحكم.
إن ما يحدث اليوم من انهيار في العملة، وتعطيل في صرف المرتبات، وتضييق على الخدمات، ليس مجرد أزمات مالية طارئة، بل جزء من حرب اقتصادية ممنهجة تستهدف الجنوب أرضًا وإنسانًا، في محاولة لكسر إرادة شعبه ومعاقبته على تمسكه بحقه في تقرير مصيره.
وإزاء كل ذلك، لن يبقى المجلس الانتقالي الجنوبي متفرجًا. فالصبر لا يعني العجز، والحكمة لا تعني الاستسلام، والشعب الذي فوضه في الساحات لن يقبل أن يُقتل جوعًا باسم شراكة بلا مضمون.
كل الخيارات مفتوحة… والكرامة لا تُقايض.
⸻