
سيئون (حضرموت21) خاص
لم تعد معركة حضرموت اليوم مجرد صراع نفوذ عابر أو خلاف سياسي يمكن احتواؤه بحلول وسطية، بل تحولت إلى معركة فرز شامل ونهائي بين مشروعين لا يلتقيان: مشروع تحرير حضرموت وتمكين أهلها من قرارهم، ومشروع الهيمنة والوصاية الذي يحاول إعادة إنتاج أدواته بأسماء وعناوين جديدة.
“وما تشهده حضرموت اليوم من تحركات سياسية وقبلية وإعلامية متسارعة، يكشف بوضوح حجم الهلع والارتباك الذي أصاب قوى النفوذ العسكري والسياسي المسيطرة على وادي حضرموت، بعد أن باتت تدرك جيداً أن لحظة الحسم باتت أقرب من أي وقت مضى، وأن مشاريعها التي قامت على صناعة الانقسامات وإدامة التبعية والوصاية تقترب سريعاً من نهايتها المحتومة.
الواقع الجديد الذي يفرضه وعي الحضارم، وإرادتهم الحرة، وتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي كحامل سياسي ووطني لمطالبهم، لم يعد يسمح بأي مشاريع مشبوهة تستهدف تدوير منظومة الاحتلال أو إعادة إنتاج أدوات الهيمنة تحت يافطات قبلية أو مناطقية أو حتى خدمية.
“المشهد بات اليوم في حضرموت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى: إمّا أن تكون مع مشروع تحرير حضرموت كاملة، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونها، وفي مقدمتهم النخبة الحضرمية لتتولى مسؤولية الأمن والدفاع في كافة مديريات وادي وصحراء حضرموت، أو أن تختار بوعي أو بغير وعي، الاصطفاف مع بقايا منظومة الاحتلال وأدوات النفوذ التي استنزفت الوادي لعقود طويلة. وهي معركة لم تعد تقبل المواقف الرمادية ولا الحسابات المزدوجة، بل معركة وضوح واختيار وانحياز صريح للحق ولإرادة أبناء حضرموت.
إن أبناء حضرموت، وهم يتجهون نحو هذه اللحظة الحاسمة، يدركون تماماً أن معركتهم ليست مع إخوتهم في الجنوب، بل مع قوى تريد إبقاء حضرموت ساحة مفتوحة لمشاريع الغدر والتبعية والهيمنة، متجاهلين أن الجنوب اليوم موحد أكثر من أي وقت مضى خلف مشروع التحرير والاستقلال، وأن حضرموت قلب هذا المشروع النابض.
ولأن القادم هو اختبار حقيقي لكل الأطراف، فإن مواقف الجميع ستكون تحت مجهر الوعي الشعبي الحضرمي، الذي لم يعد يقبل المواقف الضبابية، ولا الشعارات المزدوجة، ولا المزايدات الإعلامية، فالميدان وحده هو الحكم، والانحياز لتحرير حضرموت هو العنوان الأوحد لأي موقف وطني صادق.
لم تعد حضرموت ساحة مستباحة، ولم يعد أبناؤها أوراقاً بيد تجار السياسة أو أدوات مشاريع الهيمنة. حضرموت اليوم تصنع مستقبلها بوعي وإرادة لا تنكسر، وتقترب بثبات من لحظة استعادة القرار والهوية والسيادة.
والسؤال الذي يفرض نفسه على كل من لا يزال متردداً:
في أي صف ستكون؟
صف حضرموت الحرة وجنوبها المستقل؟
أم صف بقايا الاحتلال ومخلفاته الذين لم يجلبوا للوادي سوى القهر والنهب والتهميش؟
حضرموت قالت كلمتها، والجنوب كله يقف خلفها، والرهان الآن على الميدان.. وعلى وعي الرجال وصلابة المواقف