مؤسسة الرناد

مدرسة الفقيد فيصل صرح علمي ومبادرة تستحق الإشادة

8888

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ

وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتَعظمُ في عين الصغير صغارُها
وتصغرُ في عين العظيم العظائمُ
في منتصف القرن العشرين استدرك اعيان ووجهاء منطقة ثبي والقرى المجاورة لها إحدى مناطق مديرية تريم أهمية تعليم أبنائهم وضمهم الى مقاعد الدراسة وسعوا بشكل حثيث على فتح مدرسة نظامية تتبع معارف الدولة القعيطية أنذاك الا انه تعذر فتحها، ولكن هذا التعثر في افتتاحها كان نقطة دافعة لعزيمة أحد رجال العزائم ومن يُشهد له بالمكارم ليمسك بزمام المبادرة ويتبرع بجزء من بيته كمدرسة لتعليم أطفال المنطقة لتكون انطلاقة لصرح تعليمي منير انتج نخبة من المتعلمين سمي بعد ذلك بإسم ذلك الرجل (مدرسة الفقيد فيصل بن شيبان) …
صاحب المبادرة (فيصل العبد بن شيبان التميمي 1942م – 1980) ولد بمدينة جاكرتا باندونيسيا ومكث فيها حتى سن السابعة من عمرة ليقوم والده بنقلة الى ارض الوطن حرصاً منه على أن تكون تربية أبنه تربية عربية إسلامية خالصة بين أهله وذويه في منطقة (ديار ال سعيد بن سالم) بضواحي بلدة ثبي والتي ينتمي اليها والد الفقيد ليكون ذلك عاملاً هاماً في صقل مواهبه الامر الذي أدى الى ان تشاء الاقدار فيكون ذلك منعطفا في حياة أبناء المنطقة .
كان الفقيد تغمده الله بواسع رحمته رائداً في المجال الثقافي والاجتماعي والوطني عامة وكان بناء مدرسة لأبناء المنطقة فكرة وضعها على رأس إهتماماته بعد أن عاش حرمان أبناء المنطقة من التعليم والمعاناة التي عرفها جراء ذهابه الى مسافات بعيدة خلال دراسته للمرحلة الإبتدائية. فخلق للأجيال التي أتت من بعده فرصة الحصول على نور العلم فجعل المدرسة أقرب ما تكون إليهم وكانت رغبته في البدء أن يكون بناء مدرسة في بلدة ثبي لإحتضانها أكبر عدد من السكان وبعد أن حوربت فكرته تحت شعارات زائفة أضطر إلى تنفيذ حلمه في بيته أولاً وذلك بفتح فصل واحد عام ١٩٦١م وإفتتح الفصل الثاني عام ١٩٦٣م واستقدم معلمون على نفقته الخاصة لتدريس الطلاب، وجعل بيته القديم سكنا لهم .. يستمر التعليم في مدرسة بيته الى ان قام رحمه الله باقتطاع أرض مجاورة مملوكة له ويبني عليها مدرسة مستقلة تم افتتاحها في العام 1966م.
أعطى افتتاح المدرسة الفرصة لتعليم فتيات المنطقة فقامت الاسر بالحاق بناتها بصفوف التعليم منذ الفترات الأولى من افتتاح المدرسة لتكون حجرة أساس لانطلاق نهضة تعليم المرأة في المنطقة وتستمر الى يومنا هذا بالتوسع والنمو أكثر فأكثر.
تخرج من أروقة هذه المدرسة العديد من الكوادر (ذكوراً واناثا) التي أخذت مكانة مرموقة في الجانب العلمي والأكاديمي وصناع القرار على مختلف المستويات الوظيفية
تعتبر مدرسة الفقيد فيصل من المدارس المشهود لها في تريم وحضرموت بتفوق الخريجين منها في مستوياتهم العلمية وحتى على صعيد الأنشطة اللاصفية والمبادرات.
ويعتبر دار (بيت) فيصل الذي تبنى فيها الحركة التعليمية في المنطقة هي النواة الأولى لاستمرار التوسع في الحركة التعليمية لتنبثق من رحمها ثلاث مدارس في المناطق التي كان يستهدفها التعليم في بيته والمدرسة التي انشأها وهي:
مدرسة الفقيد فيصل بن شيبان ومدرسة ثبي ومدرسة الرملة
ان هذه المدرسة لها تاريخ عريق ودور فاعل في الحركة التعليمية في المنطقة ومرت بمنعطفات كثيرة من فترة نشأتها مرورا بمرحلة التعليم فيها وصولا الى وقتنا الحالي الامر الذي سيتطلب مساحة اكبر ووقت أطول والتي لا يسعنا ذكرها هنا في هذا المجال لكن كان الحري بنا أن نشير الى فضائل المدرسة وصاحب الفضل في تأسيسها والدور الذي لعبته في خدمة المجتمع من منطلق (الوفاء لأهل الوفاء)

كتبه
م/ سليمان محمد التميمي
أحد خريجي أروقة مدرسة الفقيد فيصل بن شيبان
عضو إداري بـ مؤسسة الرناد للتنمية الثقافيه

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى