تقارير

تحالفات الإخوان ضد السعودية وسر العداء الدفين لها

8888
Aa

(حضرموت 21) تقرير /أحمد صالح العمودي 

 

 

 

 

مؤشرات إدراك السعودية صدق شراكة الجنوب بقواته المسلحة ومجلسه الانتقالي
كيف حاول الإخوان اختراق المملكة؟ ولماذا؟
في أي دولة كشفت السعودية وجه الإخوان القبيح؟
ما وراء المحاولات الإخوانية لشيطنة المملكة؟
ما عقدة الإخوان من السعودية؟

aser

“الأمناء” تقرير/ احمد صالح العمودي:
تبنت المملكة العربية السعودية ومنذ نشأتها الفكر والمذهب الإسلامي السُّني الأصيل والسمح، الذي أخذ انتشاراً واسعاً في كل أصقاع الأرض، وطغى بنقائه وصحة نهجه على ما دونه من المذاهب الإسلامية العنيفة التي ابتكرتها حركات إسلامية سياسية، كجماعة الإخوان التي بنت علاقات مع المملكة بهدف اختراقها لضرب المنهج السني في معقله الرئيس ونقطة انطلاق تنويره، الحركة أجرت بدأب محاولات عدة طيلة عقود في هذا الاتجاه والهدف، غير أن النظام السعودي كان أذكى مما يخطط له خصوم مملكته ومكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية على الصعيد الإقليمي والدولي.

عقدة الإخوان من المملكة
كانت جماعة الإخوان وما زالت ترى أن عقدة عثراتها مرتبطة بقوة المملكة العربية السعودية ومكانتها المرموقة في العالم العربي والإسلامي، لذا لم تتوانَ من تجريب محاولات التسلل بفكرها القائم على هذا الاعتقاد النافي لإمكانية وصولها إلى الحكم والسلطة في هذا البلد أو ذاك كاليمن والكويت وغيرها في ظل ديمومة قوة السعودية وريادتها للمنطقة، وبالتوازي مع هذه المحاولات اشتغلت جماعة الإخوان على مدى عقود من تأسيسها على شيطنة المملكة وتقديمها كعدو لنهضة الأمة، ففي اليمن أشاع القيادي بالتنظيم الدولي للإخوان “الفضيل الورتاني” مقولة يرددها اليوم ناشطو حزب الإصلاح الإخواني، مفادها “أن مؤسس المملكة السعودية عبدالعزيز آل سعود – رحمة الله عليه – أوصى أولاده بجعل اليمن متخلفا كشرط لبقاء المملكة آمنة”، وقد خضعت هذه المقولة البلهاء لاشتقاقات عدة طورها الخطاب الإعلامي الإخواني الموازي وصنع منها منهج عداء للمملكة التي لا تحتاج إلى جرد حساب عطائها لليمن وأنظمة صنعاء على سبيل المحاججة وضد افتراءات الإعلام الإخواني.

بداية العلاقة وخبث وغدر الإخوان
بدأت العلاقات بين السعودية وجماعة الإخوان مع بداية تأسيس الجماعة نفسها؛ حيث كانت السعودية الناشئة حديثًا والصاعدة بقوة تحت قيادة مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود، الوجهة الأولى التي كان ينوي حسن البنا الرحيل إليها والاستقرار بها، حين كان يبحث في بداية دعوته عن بيئة أكثر ملاءمة للدعوة من مصر، وكانت المفاضلة دائماً بينها وبين اليمن التي كانت وقتذاك خاضعة لحكم الأئمة، لكنه ونظراً لشروط وضعها ورفضتها المملكة، منها أن يعامل كمفكر وليس معلما، عاد إلى مصر وكرس جل إمكانيات التنظيم وكبار منظريه لجعل اليمن – الشمال – بؤرة خطر فكري ومذهبي على المملكة ونظامها المتماسك بقوة منذ ذلك الحين وحتى اليوم.
زار حسن البنا المملكة لأداء فريضة الحج والتقى الملك عبدالعزيز، وتقدم له بطلب إنشاء فرع لتنظيم جماعة الإخوان إلا أن الملك المؤسس صده بذكاء ينم عن فطنة وحنكة عندما أجابه بالقول وبتلقائية: “كلنا إخوانٌ مسلمون” وهو ما دفع الجماعة إلى مساعٍ أخرى، وهي نشر أدبياتهم من خلال البعثات الدعوية إلى المملكة خلال مواسم الحج، في محاولة لنشر الدعوة بين الوفود الإسلامية، من خلال الخطب التي عمل البنا على إلقائها لعرض مبادئ دعوته الساعية لتعنيف الخطاب الديني في إطار أهداف سياسية تهدف الى إسقاط الأنظمة بالعنف وبناء دولة الأمة والخلافة، وهذه نفسها التي يتحدث عنها اليوم زعماء وأمراء التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، وتتبنى جماعة الإخوان فرع اليمن تبرير جرائمهم الإرهابية في الجنوب واستغلالها لتمرير أجندات سياسية معادية للجنوب وقواته المسلحة ودول التحالف العربي وقائدته المملكة العربية السعودية، ولعل رجوعنا إلى خطابات زعيم تنظيم القاعدة باليمن خالد باطرفي سيضعنا أمام أدلة وبراهين قاطعة.

من اليمن تكشف للمملكة وجه الإخوان القبيح
في مراحل عدة راعت المملكة الظروف التي دفعت أعضاء وقيادات جماعة الإخوان للهرب من بلدانهم، وآوتهم ووفرت لهم فرصاً وظيفية وقدمت لهم معاملة حسنة وحياة كريمة، إلا أنهم قابلوا الإحسان بنكران الجميل، فتاريخهم مليء بالغدر والمكائد، التي بلغت أوجَهَا في عهد الملك فهد، رحمه الله، إلا أن أحداث ووقائع سابقة شهدها اليمن – الشمال – قد كشفت وبجلاء عن الوجه القبيح لجماعة الإخوان ولعل أبرزها ما سميت بثورة الدستور الإخوانية الفاشلة عام 1948م التي حاولت جماعة الإخوان مقاسمة الإمام السلطة على حساب مطالب الشعب، كما فعلت مع علي عبدالله صالح، حينها أطلقت الجماعة تصريحات تحريضية ومسيئة ضد المملكة العربية السعودية واتهامها بتغذية الفوضى باليمن، وذلك وفقاً لما نقله محمود عبد الحليم، أول مؤرخ لتاريخ الجماعة في كتابه “الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ”، وكانت تلك الأحداث قطعت الطريق تماماً أمام محاولات الإخوان للتغلغل بأفكارهم الثورية ودعوتهم المتطرفة والمستترة إلى السعودية في عهد الملك المؤسس.

عقود من تأجيج مشاعر الحقد على المملكة
عمدت جماعة الإخوان فرع اليمن على تنمية كل مهدد تستشعر به المملكة العربية السعودية في قيادتها الصراع العربي مع أطراف إقليمية كإيران، حيث سوقت الجماعة حتى في ذروة علاقتها الجيدة مع المملكة مفاهيم سياسية تحمَّل السعودية مسؤولية تخلف اليمن وفشل ما تسمى بثورة سبتمبر وصعود أنظمة حاكمة استبدادية، ونستطيع القول إن جماعة الإخوان رأت في تحريضها المعادي للمملكة قد ألب حولها مناصرين كثر، ووسع من حاضنتها لا سيما في محافظات الشمال، وتمكنت بذات الخطاب استخدام الحوثيين ضد نظام علي عبدالله صالح قبل أن يتحالف معهم، وضد المملكة العربية السعودية والجنوب بدرجة رئيسية، وما زال هذا الاستخدام قائما وبأشكال عدة أبرزها الإعلامي والعسكري.

استغلال الفوضى
أبقت السلطات السعودية على خاصية الحذر العالي في تعاملها مع جماعة الإخوان، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، ولم يسمح لها بتأسيس هيئة أو أفرع لمكتب الإرشاد داخل السعودية، ولكن وبطريقة غير معلنة استطاعت الجماعة التغلغل داخل المؤسسات التعليمية والأكاديمية بالمملكة، وربما أن تلك الأصوات السعودية الأكاديمية والإعلامية التي تناصر جماعة الإخوان في حملاتها التحريضية ضد بلدهم ومملكتهم وحلفائها في المنطقة والجنوب نتاج ذلك التغلغل.

من لوجانو السويسرية إلى ضفاف نهر جوكسو بإسطنبول
كانت أكثر انكشافات الإخوان قبحاً وخسة، في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، عندما اتضحت نواياها السيئة بجلاء، وذلك بتأييدها ما تسمى بالثورة الإيرانية عام 1979، وقد أثبت التأييد والمناصرة المعلنة أن جماعة الإخوان تعمل بكل ما لديها من إمكانيات وتأثير استغلال أي ثورة أو فوضى في المنطقة لتحقيق أهدافها السياسية المعادية للمملكة وفي سياق نهم الجماعة للسلطة.
عقد التنظيم الدولي للإخوان اجتماعاً في مدينة لوجانو السويسرية وسارعت قيادته إلى الاتصال بالخميني وأيدوا وباركوا ثورته الشيعية، وشكلوا وفدا لزيارة طهران، وقبل وصول الوفد لأداء البيعة عين الخميني كمال خرازي (وزير الخارجية فيما بعد) ضابطًا للاتصال بالتنظيم الدولي للإخوان، والعناية بشئون وفدهم الذي جاء لتقديم التهاني بنجاح الثورة الخمينية ومبايعته وتأكيد التنظيم على تنبيه رفع شعار الثورة الشيعية الخمينية الى المنطقة العربية.
وكان لهذا الموقف الإخواني ردود فعل عربية غاضبة لا سيما وأن ثورة الخميني الشيعية تمثل بؤرة الخطر على المنطقة العربية وأمنها القومي وقد رفع قادتها ورموزها منذ البداية شعارات معادية للمملكة العربية السعودية، وكادت أن تكون أحداث ما تسمى ثورة الخميني بداية التصدي لجماعة الإخوان والحد من توغل عناصرها في المؤسسات التعليمية بالسعودية، لكن الحرب السوفيتية على أفغانستان اقتضت التهدئة مع الجماعة، من غير أن تهدئ الجماعة تحريضها على السعودية، بل عادت إلى استئناف ما دأبت عليه لا سيما في تنظيم فعاليات ومؤتمرات إقليمية ودولية مكرسة للإساءة للمملكة وحلفائها كالإمارات ومصر والجنوب وإبعاد إيران من المساءلة والمسؤولية بوصفها المدان الأول والأخير بكل ما لحق بالمنطقة من دمار وخراب، كان آخر هذه المؤتمرات في واشنطن وبرلين وأنقرة، وجميعها تشبه في أهدافها اجتماع قادة تنظيم الإخوان في “لوجانو السويسرية”.

الكلمة الفصل في موقف السعودية من الإخوان
تابع تنظيم الإخوان طعناته بظهر السعودية التي أحسنت إليه في أشد وأقسى المنعطفات التي مر بها، ففي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وتحديداً بعد الغزو العراقي للكويت، انكشفت مجدداً سوء النوايا لدى جماعة الإخوان ومن انتسب إليها وتأثر بفكرها، بعد أن عارضت الجماعة السعودية قيادتها تحرير الكويت، في حرب الخليج الثانية عام 1991، وانضم رموز الإخوان إلى حركة “الصحوة” التي عارضت وجود ما سمتها بالقوات الأجنبية على الأراضي السعودية لتحرير الكويت وقاموا سوياً بالاحتجاجات واستغلال تلك الظروف للتمرد وتقديم مطالب سياسية، ومن أبرز الأسماء التي قادت تلك الاحتجاجات حينها سلمان العودة وتحالفت معه لجنة “لجام” التي تعج بالشخصيات الإخوانية تحت قيادة المعارض المنشق سعد الفقيه.
في اليمن (الشمال) خرجت جماعة الإخوان بمظاهرات رددت شعارات “بالكيماوي يا صدام” مع أن الجماعة في حرب الخليج الثانية بين العراق وإيران كانت أقرب إلى إيران منها إلى العراق نكاية بالمملكة، ومارست موقفاً متغطرساً كموقفها اليوم من الخطر الايراني ومليشياته الحوثية، في المقابل خرجت في الجنوب وفي العاصمة عدن مظاهرات تؤيد الموقف العربي ونددت غزو العراق لدولة الكويت شقيقة.
يمكننا القول إن حرب الخليج الثانية، كشفت عن موقف القيادة السعودية من جماعة الإخوان ورؤيتها تجاهها، وتجلى ذلك في تصريحات وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز خلال حواره مع صحيفة «السياسة» الكويتية، في 23 نوفمبر 2002، الذي كان بمثابة الكلمة الفصل في موقف السلطات السعودية من جماعة الإخوان، إذ قال رحمه الله: «جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء. كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار. وعندما اضطهد الإخوان وعلقت لهم المشانق لجأوا إلى السعودية فتحملتهم، وحفظت محارمهم وجعلتهم آمنين».
وأوضح أن «أحد الإخوان البارزين أقام 40 سنة عندنا، وتجنس بالجنسية السعودية، وعندما سئل عن مثله الأعلى قال: حسن البنا».
 وحول الغزو العراقي للكويت، قال الأمير نايف: «جاءنا عبدالرحمن خليفة وراشد الغنوشي وعبد المجيد الزنداني، فسألناهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا: نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء». وأكمل: «بعد وصول الوفد الإسلامي إلى العراق، فاجأنا ببيان يؤيد الغزو!».
لقد أدركت المملكة العربية السعودية وفق معطيات وعن تجربة ومما تراه اليوم وتسمعه في خطاب جماعة الإخوان وسلوكها، أن الجنوب وقواته المسلحة ومجلسه الانتقالي، ليس فقط أصدق وأوفى الشركاء الحلفاء في مواجهة الخطر الإيراني، بل أكثرهم استيعاباً ومعرفة وإدراكاً لتركيبة ذات الخطر الخميني الشيعي والإخواني المتطرف، وأكثر استعداداً وخوضاً لصراع عربي مصيري تتجاوز انتصاراته وأهميته البعد الوطني الجنوبي والقومي العربي إلى الحاجة ولأهميته الدولية القصوى لا سيما فيما يتعلق بالسلام والأمن الدوليين من أجندات تستهدف أمن واستقرار المنطقة والمصالح الدولية فيها.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Try Audible Plus
زر الذهاب إلى الأعلى