ملفات وتحقيقات

الخبير الاقتصادي “ناظم صالح” يطرح ورقه عمل حول قرارات أوبك وأثرها على الإقتصاد العالمي”تعرف عليها”

8888
Aa

(حضرموت 21) ورقه عمل

 

 

طرح الدكتور “ناظم صالح إسماعيل” الخبير الاقتصادي اليمني ورقه عمل تتعلق بقرارات أوبك وأثرها على الإقتصاد  العالمي

 

وعلى ذلك صحيفة حضرموت 21 تعيد نشر ورقه العمل الذي اعدها الخبير الاقتصادي مثلما جاءت

aser

 

ورقة عمل

 

قرارات أوبك وأثرها على

الإقتصاد  العالمي

المقدمة :

بعد أن سادت حالة من التفاؤل بشأن اتجاه أسعار النفط للانخفاض منذ يوليو 2022، بسبب توقعات بتراجع نمو الإقتصاد العالمي في عامي 2022 و2023، التي أعلنها صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات الدولية، جاءت قرارات مجموعة أوبك بلس في الخامس من أكتوبر والتي تقضي بخفض إنتاجها النفطي بمقدار 2 مليون برميل يوميا بدءاً من شهر نوفمبر القادم ،  لتصعد بأسعار النفط في السوق الدولية وتصل إلى 93.3 دولارا للبرميل لخام برنت، ونحو 87.7 دولارا للبرميل من الخام الأميركي.

إلا أن سوق النفط اتخذت اتجاها معاكسا في اليوم التالي لقرارات “أوبك بلس” ، فهبطت الأسعار بنسبة طفيفة، ووصلت إلى 93.1 دولارا للبرميل لخام برنت، و87.5 دولارا للخام الأميركي، قبل أن تعود للارتفاع من جديدة بنهاية الأسبوع.

أن قرار أوبك بلس جاء في ظرف دولي حساس على الصعيدين السياسي   والاقتصادي، وبعد تحذيرات من واشنطن بأنّ أيّ خفض للإنتاج من قبل المنظمة “مرفوض وقد يصل الأمر إلى أن تعتبره عملاً عدائياً” تجاهها.

ولكنّ قيام المنظمة بتخفيض الإنتاج بمقدار مضاعف عن التحذيرات           الأميركية، عكس بشكل واضح تفاوتاً كبيراً في المصالح والتوجهات بين واشنطن والدول الأساسية في المنظمة وأبرزها السعودية والخليج العربي وإيران وروسيا وفنزويلا والجزائر

ومما أكسب قرار أوبك بلس زخما وأدى إلى ترجيح سيناريو أن يواصل التضخم في الاقتصاد العالمي مساره الصعودي؛ هو ردُّ الفعل الأميركي            والأوروبي ، فعلى الصعيد الأميركي رأت إدارة بايدن أن القرار تحداً واضح لها، بينما اتجه الاتحاد الأوروبي لإقرار الحزمة الثامنة من العقوبات على روسيا، التي تضمنت فرض سقف لسعر النفط الروسي.

أهداف وأسباب خفض مجموعة أوبك لإنتاج النفط :

أن الهدف من قرار أوبك بخفض حصص إنتاج النفط هو دعم الأسعار التي شهدت خلال الربع الثالث أول خسارة فصلية منذ عامين نتيجة ضعف        الاقتصاد العالمي مما أدى إلى الخوف من حصول أنكماش .

وكذلك بسبب ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسوية ديسمبر أربعة سنتات إلى 93.41 دولار للبرميل بعد ارتفاعه 1.7 في المئة في الجلسة السابقة.

وزيادة العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي تسليم نوفمبر 2 سنت إلى 87.78 دولار للبرميل، بعد صعودها 1.4 بالمئة .

 أما الأسباب المباشرة التي دعت روسيا والمملكة العربية السعودية، لتكونا المبادرتين لاتخاذ هذا القرار فهي التالية:

1. العقوبات المتوالية المفروضة على روسيا ومحدودية اتجاهات أسواقها ، فضلا عن الحسومات التي تقدمها روسيا للدول المستوردة بصورة مباشرة.

2. التضخم المرئي والمستتر في العالم أجمع، والذي أثر في    الأسواق العالمية وخصوصاً الأوروبية، التي كانت أبرز مستورد تقليدي للنفط الخام الروسي.

أثر  قرار أوبك “بخفض الإنتاج” على الإقتصاد الأمريكي :

على عكس الرغبة الأمريكية، فقد قرر تحالف “أوبك بلس” في أول اجتماع مباشر له بعد أزمة كورونا في 2020، خفض الإنتاج بمعدل مليوني برميل يوميا بدءا من نوفمبر القادم ، مما أدى إلى ارتفعت أسعار النفط فور إعلان التحالف قراره بنسبة أقل من 1 بالمئة، حيث وصل خام برنت القياسي إلى حوالي 93.3 دولارا للبرميل بينما خام نايمكس اقترب من عتبة ال  87.7 دولارا ، بعد أن كانت أسعار النفط بشكل عام تتجه للهبوط لتصل إلى  80 دولارا ، بحيث سيؤدي ذلك لركود شديد جدا في الاقتصاد الأمريكي ولن يجعله يتعافى، وأيضا يمكن أن تزداد البطالة وترتفع أسعار المواد الأخرى”.

أبرز المفاعيل المتوقعة لقرار أوبك على مستوى الإقتصاد الأميركي والسياستين الخارجية والداخلية لواشنطن :

1. يتوقع أن تعود أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع مجدداً، بعدما هوت من مستوىً قارب الـ140 دولاراً للبرميل في آذار/مارس الفائت إلى 85 دولاراً في وقت سابق هذا الأسبوع، مما سيؤدي ذلك إلى زيادة التضخم في أسعار الطاقة في الولايات المتحدة، في وقت وصل سعر غالون البنزين الأميركي إلى نحو 6.3 دولارات في بعض شركات بيع الوقود في كاليفورنيا ، وبالتالي يرفع سعر الوقود معه تكلفة معظم البضائع الأخرى التي تعتمد على الوقود لإنتاجها ونقلها والحفاظ عليها، مما يضاعف تبعات التضخم على جيوب الأميركيين ويخفّض القيمة الشرائية لمرتباتهم.

2. يتوقع أن يستخدم بايدن للمخزون الإستراتيجي حيث أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان عن إجراءات استثنائية أبرزها إطلاق وزارة الطاقة 10 ملايين برميل إضافي من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي إلى السوق الشهر المقبل .

3. يتوقع حدوث صدام أكثر حدة بين شركات الوقود الأمريكية وإدارة بايدن، الذي يستمرّ في مطالبتها بمواصلة خفض أسعار الوقود والتقليل من أرباحها دعماً لسعر الوقود المستهلك من قبل الأميركيين  مما سيزيد هذا التخفيض ضغط على شركات الوقود الأميركية وعلى النفط الصخري الذي واشنطن كانت تستفيد منه عبر شراء النفط بسعر منخفض وتخزين نفطها في احتياطها الاستراتيجي أو بيعه لاحقاً عند ارتفاع سعر النفط   عالمياً، بسبب تكلفة استخراجه التي تفوق بأضعاف كلفة النفط السعودي أو الروسي.

4. الكشف عن نفوذ محدود لواشنطن في سوق الطاقة العالمية، وعدم القدرة على التحكم في أسعار النفط وإنتاجه، في مقابل قدرة بعض الأطراف على توجيه الأمور باتجاه مغاير تماماً      لإرادتها، وأبرز هذه الدول روسيا وإيران وفنزويلا، مضافة إليها السعودية التي لا تجمعها علاقات قوية بإدارة بايدن أقله         بالمقارنة مع العلاقات التي كانت موجودة في فترة الرئيس السابق دونالد ترامب.

5. حدوث ضغط ضد سياسات بايدن الخارجية ، حيث أكد بايدن في يونيو الفائت أنّ تخفيض أسعار الطاقة من أولويات إدارته، بهدف التقليل من فاتورة التضخم التي تعني أنّ مواطنيه يعانون جراء تبعات الخيارات السياسية الكبرى التي اتخذها وأبرزها قرار التصعيد العسكري مع روسيا في أوكرانيا وشرقي أوروبا وتبعاته، وسط خشية كبيرة من خسارة قسم من جمهوره لصالح الجمهوريين، على خلفية تذمّر الشارع الأميركي ومعاناته من ارتفاع فاتورة الطاقة وأسعار البنزين، مما يضغط على حكومته باتجاه تغيير هذه السياسات، وهو ما لا يريده.

أثر قرار أوبك ” بخفض الإنتاج” على الإقتصاد العربي:

في الوقت الذي تحسنت فيه المؤشرات المالية للدول العربية المصدرة للنفط مع الاتجاه الصعودي لأسعار الخام في السوق الدولية، منذ أغسطس 2021، جاء قرار أوبك بلس ليدفع الأسعار في السوق الدولية نحو مزيد من الارتفاع، أو يحافظ عليها في حدود 85 دولارا للبرميل في المتوسط، وهي نتيجة مرضية لهذه الدول.

بالمقابل ستدفع هذه الدول فاتورة ارتفاع معدلات التضخم في السوق الدولية، لكونها دول مستوردة لكثير من احتياجاتها، لكن الفارق سيكون لصالحها في ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط.

وعلى الجانب الآخر فإن المتضرر في المنطقة العربية سيكون تلك الدول المستوردة للنفط، حيث ستتحمل موازناتها آثارا سلبية مضاعفة، من جهة زيادة فاتورة الواردات الخام والسلع الأخرى، وذلك المواطن الذي يواجه أعباء معيشية متزايدة، دون وجود برامج حماية اجتماعية مناسبة، وأخرى لتقليص الفجوة بين الأجور والأسعار.

وستكون الأزمة أشد تأثيرا على البلدان العربية التي تعاني من أزمات اقتصادية، ولديها برامج منتظرة للتمويل من صندوق النقد الدولي.

فقد تكون أسعار الطاقة في الأسواق العالمية أحد البنود التي ستلجأ إليها حكومات تلك الدول لرفع الأسعار محليا، وهو ما يعني زيادة تكلفة إنتاج السلع والخدمات بالنسبة لمواطن هذه الدول.

ختاماً :

 أن توقعاتي من قرار أوبك “بخفض الإنتاج” على الاقتصاد العالمي ، هي :

• إرتفاع أسعار النفط في الفترة القادمة، وبالطبع سيعود بالفائدة على الدول المصدرة للنفط ومنها الخليجية وسيعزز من          الإيرادات النفطية، الأمر الذي سيعود بالفائدة على معظم قطاعات السوق ، وكذلك قد يمهد الطريق لارتفاع أسعار من شأنه تمكين شركات استكشاف النفط الأمريكية من زيادة الحفر والتنقيب.

• حدوث تباطؤ في الإقتصادي العالمي ومن المرجح أن يشهد ركود في الفترة المقبلة نتيجة التشديد النقدي من قبل البنوك المركزية العالمية ورفع أسعار الفائدة في ظل معدلات تضخم مرتفعة في العواصم العالمية الرئيسية مع استمرار الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا الذي كان له تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي مع المخاوف المستمرة بشأن الإمدادات النفطية وكذلك مشاكل سلاسل التوريد.

•  حدوث تضخم بعيد الأمد الذي سيجبر مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأمريكي على مستوى العالم على    الاستمرار في سياسات نقدية صارمة.

•  أن يظل برنت بالقرب من علامة الثلاثة أرقام وذلك لأن الخطة أتت بالتزامن مع دخول العقوبات الأوروبية على صادرات النفط الروسية حيز التنفيذ، إلى جانب نقص الطاقة الفائضة داخل صناعة النفط الصخري الأمريكية لسد الفجوة التي خلفها خفض الإنتاج .

• أن يحرض قرار أوبك بلاس على خفض إنتاج الحكومات الغربية، ما سيتطلب منها إعادة التفكير في سياسات الطاقة الخاصة بها بشأن تعزيز مصادرها المحلية ومصادر الطاقة المتجددة بما في ذلك طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

• أن تؤدي أسعار الطاقة المرتفعة إلى إذكاء التضخم، مما يؤخر احتمالية هدوء رفع الفائدة للبنوك المركزية الرئيسية في العالم ومنها الاحتياطي الفيدرالي.

 

 

اعداد الخبير الاقتصادي:

د. ناظم صالح إسماعيل 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Try Audible Plus
زر الذهاب إلى الأعلى