كتاب ومقالات

من ســرق نعـالي مقال لـ : برهان باسردة

8888
Aa
برهان باسرده
هدوء يخيم على المكان ، لا صوت هنا على ساحل أبين يعلو فوق صوت أمواجه .
 أمشي بخطى متسارعة فــ وقت الجمعة قد شارف على الدخول…  بعد دخولي جامع الخير بخور مكسر توجهت إلى سارية في المنتصف ، أديت تحية المسجد ، صنعتُ حبية من عمامتي التي أضعها فوق رأسي ، أحكمت وثاقها وجلست محتبئاً أقرأ سورة الكهف .
لم يمر وقت طويل على أنتهائي من قراءة السورة إلا وخطيب الجمعة يعتلي المنبر .
لكنت الخطيب لاتحتاج لذكاء أو لــ فراسة كي  تميزها ،  من أول كلمة ينطقها ستعرف أن الخطيب مصري بأمتياز .
بدأ الخطيب خطبته ببداية مشبعة بالسجع ملئية بالجناس غنية بالطباق ثم أخذنا في رحلة مع الزمن إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته العطره ، تبين لي فيما بعد أن هذه الخطبه ماهي إلا خطبة واحدة ضمن سلسة من الخطب التي ألقاها وسيلقيها وجميعها تتحدث عن خير البشر (محمد ابن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه) ولاتحيد عن سيرته قيد أنملة .
رفعت رأسي إلى المنبر وفي مخيلتي يدور أنني سأرى الخطيب مقتدياً في شكله وفي هئيته بنبينا العدنان لكنني أصبت بصدمة قوية وخيبة كبيرة  عندما رأيت لحية الرجل مخففة و محددة و مقصرة وأنتابتي أمتعاض شديد عندما رأيت الرجل يضع قبعة لا عمامة فوق رأسة…  أنه نسخة مشابهة في شكله لــ حسن البناء مؤوس جماعة الأخوان المسلمين .
لم يكن النبي صلى عليه وسلم يقصر لحيته ولم يكن يخففها أو يحددها ، كل كتب السيرة النبوية تؤكد ذلك وتؤكد أنه يضع عمامة فوق رأسه كعادة العرب (العمامة تيجان العرب) لا قبعة فريدة في شكلها أصطنعها لنفسه ولأتباعه تميزهم عن غيرهم .
بل ذهب جمهور العلماء إلى تحريم حلق اللحاء سوى كان حلقاً جزئياً ام حلقاً كلياً إستناداً إلى حديث النبي “قصوا الشوارب وأعفوا عن اللحاء ” .
عجبي لمن يجعل قدوته الأولى حسن البناء لا النبي المصطفى ويتشبه بهذا الحسن أشد تشبه ، ثم يأتي ليحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم و وجوب تعلم سيرته والأقتداء به في كل شئياً في حياتنا .
لم تقتدي به أنت حتى في شكلك فكيف تريد من الناس الأستماع إليك…  تذكرت عمرو خالد ذو اللحية المجرودة بالماس جردا و طارق سويدان وهو يصافح توكل كرمان وكلاهما يدعي بأنه الداعية فكدت أن أضحك في المسجد ولولا خوفي من أن تفسد جمعتي لضحكت.
في خضم هذه التساؤلات مر بجانبي رجل تحيط به الحراسات الأمنية من كل جانب ، كان يرتدي ثوباً أبيضا ويضع عمامة حمراء ملفوفة حول عنقه .
يرافقهم طاقم تصويري يلتقط الفيديوهات الحية والصور الثابتة لدولة رئيس الوزراء صاحب الثوب الأبيض والعمامة الحمراء .
أنهى الخطيب خطبته ، أقيمت الصلاة ، صلى الجميع وهو خائف من أحزمة الخوارج الناسفة ، وبعد الأنتها من أداء الفريضة خرجت من المسجد ، رأيت سيارتين مصفحتين في باحة المسجد ، جنود ملثمون بلثام أسود يتمركزون في أحد البنايات المتهالكة والمطلة على بوابة المسجد ، جنود آخرون يقفون على البوابة ، اما أنا فلقد كنتُ منشغلاً بنعالي التي أبحث عنهما…  وبعد بحث طويل طويل صحت : أين أختفت !
سمعت أحدهم يقول لقد أُزيحت ورُميت كل النعال التي كانت هنا حتى لا تعيق دولة رئيس الوزراء (صاحب الثوب الأبيض والعمامة الحمراء) أثناء مشيه .
صاح أخر : لا ، لقد سرقهم…  أنه يمتلك شبكة عنكبوتية لصوصية ، مجزاءة إلى الكثير من العصابات فكل عصابة متخصصة في سرقة شئ معين ولا تستبعد أن يمتلك عصابة عملاقة لسرقة الأحذية .
أجبته : من هو بهذا السلطان والثراء لايمكن أن يفكر بسرقة نعال !
رد:  أن من تعود على السرقة لايهدأ له بال ولا يرق له جفن حتى يسرق ومن تعود على سرقة الجمال فمر يوما لم يجد فيه جملاً يسرقه فأنه لن يهدأ له بال حتى يسرق ولو بيضة !
أغمضت عيني فلم أرى سوى تساؤلا بخط عريض *من سرق نعالي*…  
إذا كنت أنا لم أسامح رئيس الوزراء بنعالي الذي لاتتجاوز قيمته الألف ريال يمني وأطالب فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي بتعويضي وأنصافي .
فبالله عليكم هل سيسامح أبناء عدن من سرق من إيرادتهم 5 مليارات !

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Try Audible Plus
زر الذهاب إلى الأعلى